افتتاحية: الدولة تسقط الى الحضيض بلجوءها الى “البلطجية” لمواجهة الحقوقيين

لون أسود

اعتقلت السلطات المغربية في طنجة شخصا ادعى أنه من أباطرة توزيع المخدرات بأنواعها في ربورتاج مع القناة الرابعة الإسبانية. وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة هذا المعطى، فقد “اعتمدت” السلطات على هذا الشخص وأمثاله لمهاجمة مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان خلال الأسابيع الأخيرة. وهذا يجعل التساؤل: هل سقطت الدولة الى هذا المستوى من الحضيض المؤسساتي.

وعمليا، تسعى الدولة المغربية الى قمع كل نشاط حقوقي احتجاجي في مدن الشمال من الحسيمة الى طنجة مرورا بتطوان والناضور، وأقدمت خلال تظاهرة حقوقية في مدينة طنجة على استعمال القوات الأمنية الرسمية ومليشيات من الشباب الذين يطلق عليهم “البلطجية”. وقد ندد نشطاء كثيرون في شبكات التواصل الاجتماعي بهذا التصرف.

ومن غرائب الصدف أن أحد زعماء هذه المليشيات سيدعي في ربورتاج القناة الرابعة الإسبانية تورط الدولة في حماية متاجري المخدرات، ولم تجد السلطات من حل سوى اعتقاله وربما تقديمه الى العدالة، وفق ما تفيده به الصحافة.

ربلجوءها الى مليشيات أو بلطجية، تكون الدولة المغربية قد ارتكبت أخطاء فادحة بل سقطت الى الحضيض، وهو عمل لا يشرفها سواء أمام الرأي العام الوطني أو الدولي، وذلك للأسباب التالية:

أولا، دولة تحترم نفسها، يجب أن تتحمل قراراتها الأمنية من فض الاعتصامات والاحتجاجات عبر قوات أمنية رسمية وليس عبر بلطجية. في الدول التي تحترم القوانين مثل اسبانيا وفرنسا وإيطاليا لا نرى البلطجية يقومون  مقام قوات الأمن، لم نشاهد هذا حتى في الجزائر خلال الحراك الشعبي الجاري.

ثانيا، هؤلاء الشباب الذين يطلق عليهم البلطجية هم ضحايا مرتين، ضحايا سياسة التفقير والنهب التي تسود وسط الدولة المغربية ومنها مرتزقة “خدام أراضي الدولة” الذين يطبقون نظريات وممارسات الاستعمار في الاستحواذ بطرق المافيا على الأراضي، ثم ضحايا توظيفهم في مواجهة أبناء الشعب.

ثالثا، عندما تسمح الدولة بمثل هذه الممارسات، فهي تؤسس لتقليد يفقدها المصداقية ولتقليد يحمل مخاطر حقيقية على أمن واستقرار المجتمع.

حتى الآن، لم يصدر أي بيان عن المؤسسات الرسمية التي تكثر في البيانات حول كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالرد على الحقوقيين والسياسيين، لتوضيح من يقوم بتجييش هؤلاء الشباب في مواجهة الحقوقيين. في الوقت ذاته، التزمت أغلبية الأحزاب الصمت، ولم تندد بهذه السياسة الخسيسة التي تعبر عن دناءة من يلجأ إليها.

بعملها هذا، وبصمتها هذا، تكون الدولة المغربية قد نزلت الى الحضيض.

Sign In

Reset Your Password