افتتاحية: الدولة المغربية مطالبة بوقف العنف غير المبرر المؤدي للقتل ضد الاحتجاجات

الدولة المغربية مطالبة بوقف العنف غير المبرر والمؤدي للقتل ضد الاحتجاجات

تلجأ الدولة المغربية خلال المدة الأخيرة الى عنف مادي وقضائي ولفظي خطير للغاية تجلى في أبشع صوره فيما حدث للشابة حياة بلقاسم والحراك الشعبي في الريف ودوار كاريان الواسطي. وفي الجانب الآخر، بدأ الرأي العام يفقد الأمل ولا يتردد في استعمال كلمات المافيا بل ومن المظاهر المؤسفة هو إعلان مواطنين استعداهم التخلي عن الجنسية.

ويعيش المغرب توترا اجتماعيا وبدأ يتحول الى برميل بارود بسبب إسهاب الدولة في الحديث عن التنمية والتطور بينما المواطن يشتكي من غلاء المعيشة وانسداد الأفق وارتفاع الاحتكار ونهب ممتلكات الدولة بل أحيانا تتم السرقة بطابع قانوني كما حدث مع عملية السرقة المعروفة باسم “أراضي خدام الدولة” التي ستبقى عارا في جبين النظام خاصة في ظل مباركته هذا الاغتصاب.

وتراهن الدولة على استعمال القوة بشكل عنيف رغبة منها في السيطرة على الاحتجاجات الاجتماعية حتى لا تخرج من السيطرة. وهذه القوة تنقسم بين عنف قضائي كما حدث مع الحراك الشعبي  في الريف بأحكام قاسية تجرى تغليفها بمفاهيم الوطنية والخيانة لمواجهة مطالب اجتماعية بسيطة عجزت الدولة عن تلبيتها في مجال الصحة والتعليم والشغل رغم ما أنتجته من أدبيات في مجال التنمية.

وارتفعت مستوى عنف الدولة الى مستوى القتل كما جرى مع الطالبة نجاة بلقاسم يوم الثلاثاء من الأسبوع الجاري بعدما فتحت دورية للبحرية الملكية النار على زورق للهجرة وأردتها قتيلة بينما أصيب ثلاثة آخرون. وفي اليوم الموالي، الأربعاء، لقيت سيدة حتفها بسبب تدخل الدولة في احتجاجات على أراض سلالية في أزرو، كما كانت مشاهد إفراغ ساكنة حي الواسطي في الدار البيضاء مؤلمة للغاية. وقبل ذلك، شنت حملة مريعة ضد الحراك الشعبي في الريف من خلال محاكمات امتدت حتى الى الصحفيين مثل حميد المهداوي والظروف المريبة التي اعتقل فيها توفيق بوعشرين.

تعتقد الدولة المغربية في توظيف القوة للسيطرة على الوضع، لكن الهيئات التي تنجز دراسات للدولة وتنصحها بهذه الاستراتيجية هي خائطة للغاية، إن تقاريرها شبيهة بتقارير تلك الهيئات والمراكز التي أوهمت السلطات بتحقيق قفزة نوعية في مجال التنمية وباعت لها وصفات غير واقعية حتى اصطدمت بالحائط.

المواطن المغربي مسالم، لكن يبدع في مواجهة هذا العنف ونهب ممتلكات الوطن، وبدأنا نسمع في أشرطة فيديو تعابير قوية المضمون مثل: تحكمنا مافيا، أو أين الذهب، ثم أين هو الملك. لكن التطور المقلق للغاية هو بدء تلاشي مفهوم الوطنية بسبب تصرفات الدولة، ولتتساءل الدولة مع نفسها: هل يعقل أن شباب يتظاهر في الحدود مع باب سبتة المحتلة مطالبا بإسقاط الجنسية المغربية عنه؟ بينما كانت هذه الحدود حتى الأمس القريب مسرحا لمظاهرات تطالب باستعادتها. هل يعقل أن ظاهرة اللجوء الإنساني في الخارج والتخلي عن الجنسية يرددها ساكنة حي الواسطي الذين جرى إفراغهم في ظروف مأساوية.

من خلال جولة في الفايسبوك وفي اليوتوب، ينهدش المرء لمستوى الاحتقان الكبير الذي يعرب عنه المواطنون تجاه الدولة، هناك إحساس بالفراغ، وإحساس بالنهب، وإحساس بالقوة التي تصل الى العنف.

أول ما يجب أن تقوم به الدولة هو وقف هذا العنف المادي ضد المتظاهرين، ولاحقا مراجعة النموذج التنميو بعيدا عن البهرجة بل الوقوف على الأخطاء التي تجعل شباب البلاد يفكر فقط في الهجرة وكأن المغرب يعيش حربا أهلية.ر

Sign In

Reset Your Password