افتتاحية: الحكم على الصحفي الشريف المهداوي انتقام وعار ما بعده عار

الصحفي ومؤسس بديل حميد المهداوي

أصدر القضاء المغربي يوم 28 يونيو 2018 حكما قاسيا على الصحفي حميد المهداوي مدير الجريدة الرقمية بديل، وهو حكم لا يمكن فهمه سوى في إطار الانتقام من هذا الصحفي لشجاعته في فضح الفساد والمفسدين في أرض المغرب.

لقد تمت متابعة المهداوي بتهم غريبة في تاريخ القضاء المغربي، وتجلت التهمة الأولى في التحريض على التظاهر في الحسيمة، بينما التهمة الثانية التي حوكم بها أمام القضاء في الدار البيضاء وهي عدم التبليغ على إدخال دبابات الى المغرب لاستعمالها في الريف.

إن التهم التي وجهت الى هذا الصحفي الشهم والنبيل والأحكام التي تعرض لها تعتبر انتقاما من صوت ذنبه الوحيد أنه نطق بالحق في دولة تتخذ طابع الدولة البوليسية. تعتبر انتقاما للأسباب التالية:

في المقام الأول، اتهام المهداوي بالتحريض على تظاهرة الحسيمة خلال يوليوز الماضي يعتبر استفزازا حقيقيا لذكاء المغاربة. فقد تمت الدعوة الى التظاهر من طرف نشطاء الحراك الشعبي للريف شهرا قبل التظاهرة، وتم نشر أكثر من مليون خبر وتعليق في شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك، وتناولتها وسائل الاعلام الوطنية والدولية بالخبر والتحليل والنقاش قبل تاريخ التظاهر. فمن هو عبقري زمانه أمنيا وقضائيا الذي قرر توجيه تهمة التحريض على التظاهر للصحفي حميد المهداوي والحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات؟

في المقام الثاني، اتهام المهداوي بعدم التبليغ في ملف إدخال الدبابات الروسية الى الريف عبر مليلية المحتلة يعتبر استفزازا للغباء وليس فقط للذكاء، ولن نتعجب لو أن مهندس هذه القضية تحدث عن استقدام صواريخ نووية من كوريا الشمالية. في البدء، ما السر في عدم إصدار الدولة المغربية مذكرة اعتقال دولية في حق الشخص المسمى البوعزاتي الذي كان يتصل بالمهداوي من هولندا ليبلغه  بتلك الأخبار الغريبة؟ إن عدم إصدار مذكرة اعتقال دولية يعتبر جريمة من طرف الدولة المغربية لأنها بهذا تكون، وفق القانون، تتسر على اعتقال مجرم يفترض أنه يهدد الأمن القومي المغربي، علما أن الدولة هي الجهة التي تمتلك الأدوات القانونية لمخاطبة هولندا في هذا الشأن. نكرر السؤال: لماذا لم تصدر الدولة المغربية مذكرة اعتقال دولية بشأن شخص يهدد سلامة المغرب؟ إن القضية فيها إن، نعم فيها إن، وإن هنا تعني جهة ما خسيسة وضعت فخا رخيصا للمهداوي.

وعلاقة دائما بهذه النقطة، تدرك الدولة المغربية أنها نفسها وجدت صعوبات في اقتناء دبابات روسية بسبب تحفظ موسكو. في الوقت ذاته، عملية شراء دبابات يتطلب على الأقل سنة أو سنتين من التفاوض وفترة مماثلة لتسليمها ويضاف الى هذا أنه لا توجد دبابات في السوق السوداء، فالأمر لا يتعلق برشاشات بل بدبابات. ومن باب المنطق، هل ستبيع روسيا دبابات لشخص لنقلها للمغرب، هذا مسخرة واستصغار من دولة ذات وزن مثل روسيا.

وعلاوة على كل هذا، كيف سيتم نقل دبابات روسية عبر الأراضي الأوروبية ومنها الإسبانية التي تراقب بدقة مشتريات الجيش المغربي، فكيف ستسمح بمرور دبابات الى الحسيمة أو الناضور، بينما المغرب بنفسه لا يتوفر على آليات عسكرية مثل الدبابات في ضواحي مليلية ضمن إبداء حسن النية تجاه مدريد رغم الطابع الاستعماري للملف؟

التهم التي وجهت الى حميد المهداوي والأحكام التي تعرض لها تعتبر اعتداء وانتقاما من هذا الصحفي بسبب كتاباته وتأثيره في الرأي العام خاصة بعدما بدأ يستعمل يوتوب لفضح الأوباش الذين نشروا الفساد في البلاد ووسط العباد وهبوا أرزاق الناس. الأحكام التي تعرض لها المهداوي هي وصمة عار ما بعده عار في وطن يعتقل فيه الشرفاء ويتمتع فيه من نهبوا المال العام بالحرية.

إنه عار ما بعده عار في مغرب القرن 21. التاريخ سيحتفظ باسم المهداوي كناطق باسم الحق والمظلومين، وسيحتفظ بمداد من عار لجلاديه الذين أوصلوا البلاد الى الانهيار الأخلاقي والمعنوي المطلق.

 

 

Sign In

Reset Your Password