افتتاحية:الفساد الإداري سيحول دون التحقيق مع السفير المغربي في نيويورك

الفساد

أصدرت وزارة العدل الأمريكية منذ أيام تقريرا يوجه اتهامات الى دبلوماسي مغربي وزوجته السابقة بالتورط في الاتجار بالبشر، ولم يصدر عن الدولة المغربية أي تعليق حتى الآن، ومن المرجح تبني استراتيجية التبرير والتكذيب والصمت.

لقد تضمن تقرير وزارة العدل الأمريكية اتهامات واضحة الى دبلوماسي مغربي بمرتبة سفير وهو عبد السلام جعادي وزوجته السابقة إستريا وشقيقها، وتتجلى الاتهامات في: استقدام مواطنين من الفلبين تحت ذريعة العمل في القنصلية المغربية في نيويورك، وانتهى بهم المطاف بالعمل في التدبير المنزلي في منزل القنصل ومزرعته التي عادت الى زوجته بعد الطلاق. ووقعت هذه الأحداث الإجرامية المفترضة ما بين 2006 الى 2016، أي كان السفير مازال متزوجا بالمواطنة الفلبينية ومازال يعمل في السلك الدبلوماسي.

إن التقرير القضائي يبرز عدد من الخروقات التي هي ملفات فساد خطيرة وخاصة وأنها تمس الدبلوماسية المغربية، علما أن الدول تحرص دائما على جعل الجهاز الدبلوماسي بعيدا عن الشبهات لأنه يعكس صورة البلد في الخارج. والخروقات التي قام بها السفير المغربي الذي جرى ترحيله الى المغرب هي كالتالي:

-استغلال اسم بعثة دبلوماسية، القنصلية المغربية، للتعاقد مع مواطنين أجانب للعمل في القنصلية، علما أن القانون المغربي ينص على تفضيل المغاربة المقيمين في الدولة المضيفة بينما يتم استقدام المغاربة من المغرب في حالة شغلهم عملا يتطلب الثقة.

-فرضية وقوع اختلاسات مالية بحكم أن العقود جرى توقيعها باسم القنصلية المغربية، وبالتالي هي التي تتولى المسؤولية المالية في التسديد. ويؤكد التقرير القضائي أن المرتب المتفق عليه مع الفلبينيين هو 2300 دولار بينما كانوا يتوصلون فقط بأقل من 800 دولار.

علاوة على هذه الخروقات، هناك تساؤل عريض وهو: ما السر في تمديد مهام عبد السلام جعايدي بطريقة متتالية رغم بلوغه سن التقاعد منذ قرابة عشرين سنة، علما أنه لم يكن ينفذ أي مهام دبلوماسية خارقة للعادة.

لن يقدم أي جهاز من الدولة المغربية سواء أمني أو قضائي مثل النيابة العامة على فتح تحقيق مع عبد السلام جعايدي لسببين، بسبب جبن أجهزة الدولة التي تركز على المواطن البسيط وتقف عاجزة أمام أصحاب النفوذ ، وبسبب التساهل مع الفساد. لو كان لأجهزة الدولة الشجاعة لفتحت تحقيقا في الاستعمار الداخلي المتمثل في فضيحة “أراضي خدام الدولة”، ولو كان لأجهزة الدولة من وطنية “لفتحت تحقيقا” في أراضي بنسودة. لكن هناك مقاييس مختلفة للتعامل مع المواطن والتعامل مع فساد النافذين.

وعليه: هل يمكن لرئيس النيابة العامة النباوي فتح تحقيق؟ هل يمكن لوزير العدل أوجار المطالبة بفتح تحقيق؟ هل يمكن للمسؤول الثاني في البلاد العثماني المطالبة بفتح تحقيق؟  هل يمكن لوزير حقوق الإنسان مصطفى الرميد الرد على وزارة العدل الأمريكية كما ينوي الرد على تقرير حقوق الإنسان لوزارة الخارجية الأمريكية؟

إن فضيحة الدبلوماسي بمرتبة سفير ملحق في الأمم المتحدة يمس بشرف أجهزة الدولة ولا يمس بشرف الشعب المغربي، الطرف الأول يمتلك الأدوات القانونية للتحرك لكنه لا يفعل جبنا وخوفا وبسبب غياب الضمير كما وقع في أراضي خدام الدولة، أما الطرف الثاني فلا يمتلك سوى النضال والتنديد بالفساد حتى تحقيق إصلاح حقيقي.

Sign In

Reset Your Password