اسبانيا تنوي فتح ملف الغازات السامة في شمال المغرب من أجل التصالح التاريخي

صورة مركبة لزعيم ثورة الريف في واجهة مجلة تايم والحرب

تنوي حكومة مدريد استغلال الذكرى المائوية لمعركة أنوال التي كانت أشرس معارك حرب الريف، وذلك من أجل تضميد جراح الماضي التي مازالت مفتوحة مع المغرب وخاصة استعمال الغازات السامة ضد ساكنة شمال هذا البلد المغاربي إبان الفترة الاستعمارية.

وجاءت المبادرة الرسمية من طرف الحكومة هذه المرة في تصريحات لوزير الخارجية جوزيف بوريل الذي اقترح أمام لجنة الخارجية في البرلمان مؤخرا فكرة استغلال مائوية معركة أنوال 1921 لبدء مسلسل تضميد الجراح مع المغرب والأخذ بعين الاعتبار الأضرار التي لحقت بكل من اسبانيا والمغرب.

وتبنت حكومة مدريد هذه المبادرة بضغط من بعض الأحزاب الإسبانية وعلى رأسها الحزب الجمهوري الكتالاني الذي يطرح هذا الموضوع منذ قرابة عقدين، مشددا على ضرورة قيام مدريد بجبر ضرر المغرب وخاصة ساكنة الريف من جرائم حرب الحقبة الاستعمارية.

وكانت اسبانيا ترغب في استعمار المغرب منذ قرون، وبدأت باستعمار مليلية سنة 1497، وطيلة القرون الماضية وقعت مواجهات كبيرة بين ساكنة الريف والقوات الإسبانية وخاصة بعد حرب تطوان سنة 1860. وانتصر المغاربة في معارك تاريخية مثل معركة مارغايو في تسعينات القرن 19 ثم المعركة الشهيرة أنوال صيف 1921، حيث استطاع المغاربة بزعامة محمد بن عبد الكريم الخطابي إلحاق هزيمة تاريخية تسمى في التاريخ العسكري الإسباني ب “كارثة أنوال”. ولقي ما بين 12 ألف الى 14 ألف اسباني حتفهم في هذه المعركة في يوم واحد.

وقامت اسبانيا وفرنسا حقا باستعمال غازات سامة سنة 1925 للقضاء على ثورة الريفيين لاسيما بعدما انهزمت فرنسا في حرب ورغة بالقرب فاس وخافت من حروب تقضي على استعمارها لمنطقة المغرب العربي-الأمازيغي، وأدلت الى إقالة الماريشال الشهير ليوطي وتعويضه بالماريشال بيتان الذي قاد الحرب رفقة قادة اسبان. وتسببت الغازات السامة في عمليات تهجير كبيرة من الريف نحو شمال غرب المغرب.

ومنذ بداية التسعينات، يطالب نشطاء مغاربة من اسبانيا ضرورة الاعتراف بجريمة استعمال الغازات السامة، وقد لقيت هذه المطالب استجابة من طرف الأحزاب اليسارية والقومية الباسكية والكتلانية بينما رفضت حكومات مدريد المتعاقبة فتح هذا الملف. وبدوره التزم المغرب الرسمي الصمت في هذا الملف. ويبدو أن اسبانيا قد وعت بضرورة فتح هذا الملف بعد مرور قرابة مائة سنة عليه.

Sign In

Reset Your Password