قالت منظمة “هيومن راتيس ووتش” الحقوقية الدولية غير الحكومية، إن التحسينات الملموسة في مجال حقوق الإنسان في المغرب خلال العام 2014، كانت “قليلة” سواء في القانون أو الممارسة العملية.
وسجل التقرير “تطورا إيجابيا” يتعلق بالسياسة الجدية للهجرة واعتماد قانون القضاء العسكري الذي يمنع محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري. وعلى شاكلة الإدارة الأمريكية، تقسم هذه المنظمة المغرب الى قسمين المغرب ومنطقة الصحراء المتنازع عليها، وهو تنصيف جديد بدأ خلال السنوات الأخيرة.
وفي مؤتمر صحفي، يومه الخميس لتقديم تقرير المنظمة السنوي، بالعاصمة المغربية الرباط (شمال)، قال إريك غولدستين، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن “وضعية حقوق الإنسان في المغرب خلال سنة لم تسجل تقدما، رغم أن هناك نقط ايجابية”.
وأضاف أنه “بعد ثلاث سنوات من اعتماد المغاربة لدستور جرئ جديد، لا زالوا ينتظرون الإصلاحات القانونية وغيرها من تلك اللازمة لتفعيله”.
وتابع غولدستين “تستغرق الإصلاحات وقتا ولكنها أيضا تحتاج إلى إرادة سياسية، ولا تزال غائبة”، موضحة: “رغم تضمن دستور المغرب لعام 2011 أحكاما قوية بشأن حقوق الإنسان، لكن هذه الإصلاحات لم تؤد إلى تحسين في الممارسات أو إقرار تشريعات تطبيقية أو مراجعة ما وصفه التقرير ب “القوانين القمعية”.
وأضاف التقرير أن “المحاكم المغربية سجنت متظاهرين ومنتقدين على أساس القوانين القمعية الخاصة بالتعبير، أو بعد محاكمات غير عادلة”، معتبرا أن “الإصلاحات القانونية خضعت للكثير من النقاش لكن تمريرها كان نادرا”.
وأشار إلى أنه وابتداء من يوليو الماضي “منعت السلطات المغربية عشرات الاجتماعات السلمية الخاصة والعمومية التي نظمتها الجمعيات لحقوق الإنسان، متراجعة عن تسامح طويل الأمد مع مثل هذه التجمعات، كما رفضت السلطات أيضا الاعتراف القانوني بجمعيات حقوقية جديدة أو موجودة منذ مدة طويلة على حد سواء”.
التقرير يعرض حالة الجمعيات الحقوقية المتواجدة في الصحراء والتي يؤيد أعضاءها تقرير المصير، إذ لا يحصلون على الترخيص القانوني.
وحمل غولدستين المسؤولية للسلطات الجزائرية فيما يقع من خروقات لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف للاجئين الصحراويين، جنوب غربي الجزائر.
وقال إن هيومن رايتس ووتش “لم تغير آليات اشتغالها في المنطقة ومنهجية العمل فيما يخص المغرب وإقليم الصحراء المتنازع عنه مع جبهة البوليساريو (التي تنازع الرباط السيادة على إقليم الصحراء)”.
واعتبر أن “فصول القانون الجنائي وقانون الصحافة التي تنص على عقوبات بالسجن للتعبير السلمي لا تزال سارية المفعول ونافذة”
وقال غولدستين إن “مغني الراب عثمان عتيق أمضى ثلاثة أشهر في السجن بتهمة إهانة الشرطة في أغانيه من بين تهم أخرى، وصدر في حق الناشطة وفاء شرف حكم بالسجن لمدة سنتين لتقديم شكوى بالتعذيب اعتبرتها المحكمة من قبيل الكذب والافتراء”.
وفي مقابل ذلك سجل التقرير ما اعتبره “تطورا إيجابيا” في مجال حقوق الإنسان في المغرب، يتعلق الأمر تنفيذ المغرب سياسات جديدة اتجاه المهاجرين ومنح الإقامة القانونية لأولئك الذين اعترفت بهم وكالة الأمم المتحدة للاجئين، وغيرهم من المهاجرين الذين انطبقت عليهم معايير الأهلية الصارمة.
كما سجل التقرير بإيجابية تعديل لقانون القضاء العسكري من شأنه إنهاء اختصاص المحاكم العسكرية بمحاكمة المدنيين.
وقال التقرير إنه باستثناء التظاهر في الصحراء الغربية، تسامحت السلطات مع المظاهرات المتكررة، بما في ذلك المنتقدة، على الرغم من أن قوات الأمن “فرقت بعضها بالقوة”.
كما أشار التقرير بإيجابيه لتعاون المغرب مع آليات حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، واستضافة زيارات قام بها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في ديسمبر/ كانون الاول عام 2013، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان آنذاك، نافي بيلاي في مايو/ أيار 2014.
وحسب التقرير، في نوفمبر/ تشرين الثاني انضم المغرب إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأغلق المشرعون ثغرة في القانون الجنائي كانت، في الواقع، تسمح لبعض المغتصبين بالهروب من المتابعة القضائية إذا تزوجوا ضحيتهم.
وكان المغرب مع بداية “الربيع العربي” في 2011، قد شهد مظاهرات حاشدة قادتها حركة 20 فبراير/ شباط الشبابية للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية وإنهاء ما ترى أنه “استبداد وفساد”.
وعلى إثرها، أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس عن تعديلات دستورية واسعة في يوليو/ تموز 2011 تلاها إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، تصدرها حزب العدالة والتنمية (إسلامي)، واعتبرها الاتحاد الأوروبي خطوة هامة في اتجاه الانتقال الديمقراطي بهذا البلد.
وتقول السلطات المغربية إن المملكة تعيش مرحلة انتقال ديمقراطي تتسم بتوسيع مجال الحريات العامة وإجراء إصلاحات سياسية مهمة.
والمثير أن هذه الجمعية رفقة أخرى، قد بدأت تفصل الصحراء عن المغرب على شاكلة تقرير الخارجية الأمريكية ابتداء من سنة 2012، وهو تطور مقلق.