رغم الأحداث السياسية الكبرى التي تعيشها اسبانيا ومنها الجدل القائم حول اتهام القضاء لابنة الملك خوان كارلوس، الأميرة كريستينا بالتهرب الضريبي وزيارة رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي ولقاءه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلا أن الحدث الذي شد انتباه الرأي العام الإسباني هو المعركة بين رئيس بلدية مدينة بورغوس وسكان حي رفضوا إقامة شارع فخم بسبب الأزمة الاقتصادية.
ويتعلق الأمر بحي غامونال في مدينة بورغوس شمال البلاد، حيث قرر رئيس البلدية تحويل شارع رئيسي الى جادة فخمة واستثمار ثمانية مليون يورو. لم يستسغ السكان قرار البلدية، واعتبروا أن هذه السياسة هدر للمال العام في وقت يعيش الحي تأثيرات الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها اسبانيا.
وقرر السكان اعتراض بدء الأشغال رغم الانزال الأمني القوي، وبدأ الحي يعيش تظاهرات واعتصامات على مدار 24 ساعة. وتخللت هذه الأيام حربا إعلامية قوية بين الجانبين، رفع فيها السكان شعارات تدافع عن التقشف ورفعت وزارة الداخلية اتهامات على شاكلة الحكام العرب قبل الربيع العربي بالحديث عن مؤامرة من جماعات معادية للديمقراطية.
ووقعت مواجهات واعتقالات ومحاكمات، الأمر الذي جعل الخبر يتحول الى الحدث الرئيسي سياسيا وإعلاميا طيلة هذه الأيام في اسبانيا بل وحظي باهتمام الاعلام الدولي حتى أن الصحافة الأمريكية اهتمت بالحدث أكثر من اهتمامها بزيارة ماريانو راخوي الى البيت الأبيض ولقاءه بأوباما.
وفي آخر المطاف، اضطر رئيس البلدية المنتمي الى الحزب الشعبي ليلة أمس الى وقف الأشغال، وتحول انتصار السكان الى “معركة رمزية” حقيقية ستشكل مثالا لمواجهة سياسة البلديات في توظيف المال العام بشكل غير عقلاني وفق الكثير من التحاليل الصحفية. وعمليا، تشير الكثير من التعاليق في شبكات التواصل الاجتماعي الى رمزية غامونال في المشهد السياسي في اسبانيا. وكتبت جريدة الباييس اليوم “غامونال” رمز المقاومة”.
ويعيش بعض المغاربة في هذا الحي، وشاركوا بكثافة في هذه الاحتجاجات لاسيما الذين يمتلكون متاجر في الحي ويتخوفون من الانعكاسات السلبية لعمليات الإصلاح والبناء على متاجرهم. وكتبت ناشط مغربي في اسبانيا “الانتصار في حي غامونال يتزامن واليوم نفسه الذي هرب فيه زين العابدين بنعلي واندلع الربيع العربي”.
وكذا، فحي غمونال في بورغوس يعيش ربيعه العربي الذي سيلقي بتأثيره على كل اسبانيا.