فرنسا تتبنى موقفا زئبقيا في ملف اغتيال خاشقجي رغبة في تعويض بريطانيا والولايات المتحدة في الخليح

رئيس فرنسا ماكرون مع ولي عهد السعودية محمد بن سلمان

أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لورديان اليوم الثلاثاء قرار باريس فرض عقوبات على المتورطين في مقتل خاشقجي، لكنها تبقى مبادرة لدر الرماد في العيون، فكل قرارات فرنسا تؤكد رغبتها في استغلال المأساة والتحول الى المدافع عن مصالح العربية السعودية في الاتحاد الأوروبي والغرب وتجنيب ولي العهد محمد بن سلمان مصير الرحيل والمحاكمة خاصة الدولية. وهذا يدخل ضمن استراتيجيتها منافسة كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في الخليج.

ومنذ اندلاع أزمة اغتيال جمال خاشقجي، تعد فرنسا الدولة الغربية ضمن الكبار التي تلتزم الكثير من الحذر والحيطة في مواقفها وتصريحاتها، وهذا ليس من باب البحث عن الحقيقة بل البحث عن منفذ قوي لمصالحها.

في هذا الصدد، اتخذت باريس خطوات دالة على انحيازها الى العربية السعودية. ومن أبرز القرارات، فقد سارعت الى انتقاد ضمني لألمانيا بعدما أعلنت الأخيرة حظر الأسلحة على العربية السعودية، وطالبت بالتريث، علما أن مبيعات فرنسا من الأسلحة للرياض محدودة للغاية ولم تنجح أي صفقة كبيرة حتى الآن. وجاء الانتقاد على لسان الرئيس إيمانويل ماكرون يوم 26 أكتوبر الماضي الذي اعتبر تلك الدعوات ديماغوجية.

وفي الوقت ذاته، كان التشكيك الوحيد في التسجيلات الصوتية لجريمة مقتل خاشقجي صادرة عن باريس، فقد صرح وزير خارجيتها جان إيف لودريان الأسبوع الماضي للقناة الفرنسية الثانية بتلاعب تركيا بالتسجيلات لأهداف سياسية. تصريح لم يثر فقط غضب تركيا بل دهشة المراقبين بحكم أن أنقرة أطلعت ست دول على التسجيل وهي الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وبريطانيا والسعودية وفرنسا.

وبينما أعلنت المانيا ضرورة فرض عقوبات على دبلوماسيين سعوديين ونادت بعقوبات على متورطين، وشددت على مشاركة دولية في التحقيق، نأت فرنسا بنفسها عن كل مبادرة بل، ويدور وسط موظفي المفوضية الأوروبية، وفق معطيات حصلت عليها القدس العربي، تحفظ فرنسا الى مستوى العرقلة لكل مبادرة أوروبية موحدة ضد الرياض بسبب هذه الجريمة. وعمليا، لم تتقدم فرنسا بأي مبادرة تساعد على التحقيق الدولي.

وفي الوقت الذي تسربت أخبار من أجهزة استخبارات غربية ومنها الألمانية والبريطانية حول دور مفترض لولي العهد بل ذهبت المخابرات الأمريكية سي أي إيه أبعد باتهام بن سلمان رسميا بإصدار أمر اغتيال الصحفي، التزمت الاستخبارات الفرنسية الصمت ولم تعمل على تسريب أي خبر الى وسائل الاعلام الفرنسية.

وتمتلك فرنسا سجلا حافلا في الدفاع عن مواقف وسياسية السعودية. فقد وقفت في وجه المانيا عندما انتقدت الرياض بسبب اعتقال واحتجاز رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري. وعارضت أي إجراء أوروبي بعدما رغبت برلين في موقف موحد ضد نشر الرياض المذهب الوهابي خلال الأزمة التي اندلعت بينهما منذ أكثر من سنة. وكان الرئيس السابق فرانسوا هولند الأكثر تنسيقا مع الرياض وضغطا على واشنطن إبان فترة باراك أوباما لضرب سوريا. وتعتبر فرنسا من الدول الغربية الكبيرة التي لا تنتقد دور السعودية في اليمن بل تلتزم الحذر.

كل هذا، يجعل فرنسا دولة ذات دور غامض بل وزئبقي في تطورات الشرق الأوسط ومنها الآن دورها الذي يحاول وبدعم من الإمارات العربية التقليل من تبعات اغتيال خاشقجي على السعودية. وصرح مصدر يعمل في هيئة مقربة من المفوضية الأوروبية لجريدة القدس العربي “فرنسا لم تدرك تطور الموقف الأمريكي، اعتقدت في قوة الرئيس الأمريكي ترامب التغطية على جريمة خاشقي، وكان تكهنها خاطئ”.

Sign In

Reset Your Password