بدأ وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة زيارة الى بعض العواصم الكبرى للدفاع عن الموقف المغربي في نزاع الصحراء، وقد يجد تفهما في البعض منها مثل باريس وتفهم أقل في عواصم أخرى مثل واشنطن التي يفترض أنه سيبدأ نشاطها فيها اليوم الأربعاء، وذلك بعد التغييرات الأخيرة ومنها زيارة السفير الأمريكي المعتمد في الجزائر الى مخيمات تندوف.
ويوجد ملف الصحراء في وضع حرج للغاية بعد قرار المغرب مواجهة استقرار جبهة البوليساريو فيما يعرف بالمنطقة العازلة وراء الجدار، حيث يتهم هذه الحركة بمحاولة إقامة دولة هناك. وحشد المغرب قوات عسكرية كبيرة في الصحراء منذ اسابيع، بينما عقدت قيادة الجبهة اجتماعا عسكريا طارئا لمواجهة التطورات العسكرية التي قد تحدث.
كما بدأ الطرفان في التحرك الدولي والبداية بمخاطبة الأمم المتحدة، حيث وجه كل طرف رسالة الى رئيس مجلس الأمن الدولي يشتكي من الطرف الآخر ويتهمه بخرق الاتفاقيات العسكرية. في الوقت ذاته، يعمل كل طرف على مخاطبة العواصم الكبرى ومنها التي تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن. وفي هذا الصدد، بدأ وزير الخارجية المغربي بوريطة جولة حيث ستهدف أساسا الولايات المتحدة في واشنطن ونيويورك مقر الأمم المتحدة بهدف شرح وجهة نظر المغرب.
وعمليا، لا يجد المغرب صعوبات في تفهم كبير من طرف عواصم مثل باريس ومدريد بل وحتى موسكو وبكين، لكن غياب التفهم يحضر في عاصمتين لندن وواشنطن. وهذه الأخيرة تحولت الى مصدر قلق حقيقي للرباط على شاكلة سنة 2013 عندما قررت الإدارة الأمريكية في عهد باراك أوباما مراقبة قوات المينورسو الأممية لحقوق الإنسان.
ومن أبرز عوامل غياب تفهم أمريكي لموقف المغرب هناك: زيارة السفير الأمريكي المعتمد فيالجزائر الى مخيمات تندوف بداية الأسبوع الماضي وتركيزه على مفاوضات مباشرة وتقرير المصير.
وقبل هذه الزيارة، استقبل مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية المبعوث الأممي هورست كوهلر وبحث معه تطورات الصحراء وعاد للتأكيد على تقرير المصير. وفي حادث آخر، وصول جون بولتون الى منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي، وهو السياسي الذي عمل مع جيمس بيكر عندما كان مبعوثا أمميا في نزاع الصحراء ويتبنى موقفا غير ودي تجاه المغرب ويميل الى البوليساريو بشكل واضح، وهذا يعني تأثيرا على اي موقف جديد للبيت الأبيض في نزاع الصحراء. وعلاوة على كل هذا، لم تعين الولايات المتحدة سفيرا لها في الرباط، وهذا يضعف موقف المغرب في التحاور مع واشنطن خاصة بعدما لم يحصل اي لقاء بين الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتدرك الدبلوماسية المغربية صعوبة التحاور مع واشنطن في الوقت الراهن بل وتتخوف من موقف مفاجئ لها عندما سيبدأ مجلس الأمن بدراسة ملف الصحراء في أول جلسة له خلال الأسبوع الجاري.