على بعد يوم واحد من المصادقة على اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تستمر حكومة مدريد في التهديد باستعمال الفيتو ضد الاتفاقية إذا لم يتم الأخذ بعين الاعتبار المطالب الإسبانية حول الوضع القانوني الذي سيكون عليه جبل طارق مستقبلا. وتوجد مساعي لإيحاد حل توفيقي يعطي لمدريد الحق في الاستشارة وأخذ برأيها بشأن مستقبل الصخرة.
وصرح رئيس حكومة مدريد بيدرو سانتيش ليلة أمس الجمعة بغياب ضمانات واضحة حول مصالح اسبانيا بشأن مستقبل جبل طارق، مشيرا الى إمكانية الاعتراض على الاتفاقية. وتحس اسبانيا بخيانة المفوضية الأوروبية لها في المفاوضات مع بريطانيا بشأن خروج هذه الأخيرة، حيث لم تأخذ بعين الاعتبار مطالبها بشأن صخرة جبل طارق، وهي الصخرة التي توجد أقصى جنوب البلاد مطلة على المدخل الشرقي لمضيق جبل طارق وتستعمرها بريطانيا منذ 1713. ولم توضح النقطة 184 من اتفاقية بريطانيا-الاتحاد الأوروبي الوضعية القانونية لجبل طارق بل تركتها وكأنها جزء لا يتجزأ من بريطانيا لا خلاف سيادي عليها.
وترغب اسبانيا في تنصيص الاتفاقية على اعتبار جبل طارق منطقة تحت إدارة بريطانيا وليس جزءا منها. وتشعر اسبانيا بتهميش المفوضية الأوروبية لمطالبها وكأنها دولة ثانوية في هذا الاتحاد، الأمر الذي يزيد من تصلب موقف مدريد وتهديدها بالفيتو بل قد لا يحضر رئيس الحكومة الاشتراكي بيدرو سانتيش الأحد المقبل للتوقيع على الاتفاقية.
وتخوفا من هذا السيناريو الذي لا ترغب فيه المفوضية الأوروبية ولا بريطانيا وخاصة الأخيرة، فقد أكدت حكومة لندن أمس الجمعة استعدادها قبول تأويل خاص بالنقطة أو البند 184 وأساسا استشارة اسبانيا في كل ما يتعلق بمستقبل صخرة جبل طارق. ويتعلق الأمر بمجموعة من التحفظات تهم حركة الإسبان من والى جبل طارق وحقوق العمال الإسبان ووضعية الشركات التي تتخذ من الصخرة ملاذا بسبب سوقها الحرة والوضع القانوني عموما.
وأكد الوزير الإسباني المكلف بالشؤون الأوروبية ماركو أغيريانو على نية المفوضية الأوروبية وبريطانيا إصدار وثيقة موازية أو مكملة للاتفاقية العامة تنص على الاستجابة لمطالب اسبانيا بشأن جبل طارق، وتؤكد جريدة الباييس أمس قبول بريطانيا بهذه الصيغة ولكن بشكل غامض.
وتوجد حكومة مدريد في موقف حرج للغاية، فهي تخضع لضغط المحافظين في البلاد بزعامة الحزب الشعبي الذين يطالبون بموقف حازم بشأن مستقبل الصخرة، خاصة وأن الحكومة السابقة بزعامة ماريانو راخوي نجحت خلال السنوات الماضية من جعل صخرة جبل طارق رئيسية في أجندتها الدبلوماسية من خلال الضغط على لندن في الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية. ولهذا، تشن الصحافة المحافظة مثل آ بي سي ولراثون حملة انتقاد قوية ضد حكومة الاشتراكي بيدرو سانتيش مطالبة إياها بعدم المصادقة على البريكسيت واستعمال الفيتو إذا لم يتم الأخذ بعين الاعتبار مطالب اسبانيا.
في الوقت ذاته، تعمل حكومة مدريد على احتواء محاولة الأحزاب القومية في كتالونيا الاستقلال عن اسبانيا، ويوجد عدد من زعماء هذه الأحزاب في السجن أو المنفى، وبالتالي عليها إظهار نوع من الصرامة في الوحدة الترابية للبلاد في مواجهة بريطانيا بشأن مستقبل الصخرة.