أقدم العاهل المغربي الملك محمد السادس على إقالة وزير المالية محمد بوسعيد خلال الأسبوع الماضي. ولم يفسر البيان الصادر عن الديوان الملكي الأسباب الحقيقية، لكن يبدو أن السبب الرئيسي هو الصعوبات التي يشهدها المغرب للحصول على قروض دولية.
وجاءت إقالة محمد بوسعيد أياما قليلة بعد الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش 29 يوليوز الماضي، وذهبت الكثير من التحاليل الى اعتبار الإقالة تجاوبا مع الشعب بسبب وصف هذا الوزير للمغاربة بالمداويخ بسبب المقاطعة الشعبية لبعض الشركات. وروايات أخرى تفسر بغضب الملك على عدم كفاءة الوزير، وبالتالي جرى ضمه الى ما يصطلح عليه “الزلزال السياسي”.
وحصلت ألف بوست على معطيات تقترب من الرواية الثانية لكن العامل الرئيسي مختلف وهو فشل محمد بوسعيد في تحريك الاقتصاد المغربي وتحقيق قفزة في النمو الاقتصادي رغم المساعدات الخليجية التي توصل بها المغرب ومساعدات من الاتحاد الأوروبي علاوة على توظيف قروض ضخمة في استثمارات عمومية. لكن كل ها لم يحقق أي نمو اقتصادي لدولة مثل المغرب يفترض أن النمو الاقتصادي يجب أن يتجاوز 6% على الأقل.
وبدأت المؤسسات المالية الدولية تتحفظ على منح المغرب مزيدا من القروض رغم الإجراءات نيوليبرالية التي يقوم بها ومنها الحجب التدريجي والسريع للدعم عن المواد الأساسية وتقليص الميزانيات المخصصة للقطاع الاجتماعي مثل التعليم والصحة وجعل مناصب الشغل في الحد الأدنى رغم الخصاص المهول في مختلف القطاعات.
وارتفعت المديونية في المغرب سواء الداخلية أو الخارجية الى مستويات مهولة تجاوزت 80% من الإنتاج القومي الخام، ولم يعد النمو الاقتصادي قادرا على خدمة الدين العمومي الداخلي والخارجي، وهو ما يدق ناقوس الخطر، ويجعل المؤسسات المالية الدولية تتحفظ الآن على منح المغرب قروضا. ومن ضمن الأمثلة، كل قرض يحصل عليه المغرب يكون بفائدة لا تقل عن 4%، بينما النمو الاقتصادي لا يتجاوز في المعدل 3%. وإذا أخذنا بعني الاعتبار تراكم الفوائد من لمجموع القروض والفترة التاريخية، يكون المغرب من الدول التي سقطت في دوامة خدمة القروض الى الأبد، مما يجعله يقترب من الدولة الفاضلة اقتصاديا.
في الوقت ذاته، تغيرت لهجة صندوق النقد الدولي خلال السنة الأخيرة، فبعدما كان يعتبر المغرب تلميذا نجيبا، تحول الى أكير مصدر من مصادر توجيه النقد الى الفساد المالي في البلاد وغياب رؤية واضحة.
واعتاد مسؤولو البلاد التلاعب بمصطحات مثل السيطرة على التضخم والتقليل من العجز في الميزان التجاري والاقتراب من نمو يقارب 3%، لكن في آخر المطاف أهم مؤشرات للإقتصاد المتين وهما الرفاهية والشغل وخلق مناصب الشغل تسجل عجزا خطيرا للغاية.
ولم تصدر الدولة المغربية حتى الآن وثيقة متضمنة للقروض الداخلية وأساسا الخارجية وكيفية صرفها والفوائد المؤداة عنها والفترة الزمنية للآداء.