جرى تأجيل التوقيع على اتفاقية الضمان الاجتماعي الخاصة بالمهاجرين المغاربة بين حكومتي الرباط وأمستردام بسبب إصرار الأخيرة على أن لا تشمل منطقة الصحراء ، وهو ما عارضه المغرب. ويأتي هذا الحادث أياما قليلة بعد قرار المحكمة الأوروبية إلغاء اتفاقية التبادل الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وبطلب من هولندا وفي إطار التقشف، أرادت مراجعة اتفاقية الضمان الاجتماعي للمغاربة المهاجرين الذين انتقلوا للعيش في المغرب، وذلك في تجاه اقتطاعات وتخفيض من التعويضات بما يتماشى ومستوى العيش في الدولة المغربية. وشكل هذا الموضوع مصدر توتر بين الرباط وأمستردام واحتجاجات قوية من طرف الجالية المغربية.
وحضر الموضوع هذا الأسبوع في البرلمان الهولندي والمغربي ولكن بصيغ مختلفة. وعلاقة بالبرلمان المغربي، قال وزير الهجرة أنس بيرو بوجود اتفاق شبه نهائي مع حكومة أمستردام حول موضوع التخفيضات الذي سيطبق مستقبلا على المهاجرين المغاربة الذين كانوا يقيمون في هولندا وانتقلوا الآن الى العيش في المغرب وكذلك الأرامل وأطفال المهاجرين اليتامى.
لكن الوزير تجاهل أمام البرلمان السبب الحقيقي في تأجيل التوقيع على الاتفاقية، حيث الاختلاف على التعويضات أصبح نسبيا وتحول الاختلاف الحقيقي الى موضوع سياسي. فالجانب المغربي أراد أن تشمل الاتفاقية منطقة الصحراء مؤكدا أنها جزء من أراضيه السيادية، بينما رفضت هولندا أن تشمل الاتفاقية الصحراء.
وفي هذا الصدد، أخبر وزير الشؤون الاجتماعية ونائب رئيس الوزراء الهولندي آشر لودفايك برلمان بلاده يوم الثلاثاء من الأسبوع الجاري بفشل توقيع اتفاقية الضمان الاجتماعي مع المغرب، مبرزا أن هولندا لن تقبل ضم الصحراء الى الاتفاقية الثنائية طالما أن هذه المنطقة متنازع على سيادتها ولم تحسم الأمم المتحدة في الحل النهائي بعد. وقال بأنه في البدء لم يتحدث المغرب عن الصحراء، وأقدم لاحقا على محاولة إدماجها بعدما تبين له أنها لا تشمل الصحراء.
ويأتي الاعلان عن قرار حكومة هولندا أياما قليلة بعد قرار القضاء الأوروبي إلغاء اتفاقية التبادل الزراعي والمنتوجات البحرية بين المغرب والاتحاد الأوروبي بسبب ضم الاتفاقية لمنطقة الصحراء الغربية.
ولا يعتبر المراقبون قرار هولندا بالمفاجئ، فهذا البلد رفقة الدنمرك والسويد وبريطانيا في صدارة الدول التي تتبنى مواقف غير ودية تجاه المغرب في نزاع الصحراء، فقد قبلت وبشروط حول الصحراء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، وهي الاتفاقية المهددة بدورها، حيث توجد دعوى ضدها في المحكمة الأوروبية. وفي الوقت ذاته، هذه الدول وعلى رأسها السويد بدأت تعرقل توزيع المواد القادمة من الصحراء، الأمر الذي تسبب في أزمة بين الرباط واستوكهولم منذ شهرين.
وفي إطار الاتفاقيات الجماعية وسط الاتحاد الأوروبي، تعمد فرنسا الى الدفاع على مصالح المغرب وتجد تسويات مع هذه الدول، لكن الاتفاقيات الثنائية تحاول الدول الأوروبية فرض تصوراتها، كما حصل سابقا من طرف السويد وحاليا من طرف هولندا.
وهذا المعطى الجديد الذي تبنته هولندا، يؤكد تدهور علاقات المغرب مع دول الاتحاد الأوروبي على خلفية نزاع الصحراء، ومن شأن القرار الهولندي تشجيع الكثير من الدول الأوروبية على تقليدها بمحاولة إلغاء الصحراء الغربية من كل الاتفاقيات، وهو ما يشكل تحديا كبيرا للدبلوماسية المغربية.
وتلتزم الدولة المغربية الصمت تجاه هذا التطور الجديد والذي كان مرتقبا ويبرز مدة تحرك اللوبي المساند للبوليساريو في نزاع الصحراء وسياسة الانتظارية التي تطبع دبلوماسية الرباط.