باسم القيم الإنسانية، المغرب مطالب بالانسحاب من الحرب ضد اليمن

من دمار حرب اليمن

حان الوقت بالنسبة للمغرب للانسحاب العلني والفعلي من الحرب الدائرة في اليمن تماشيا مع مشاعر الشعب المغربي الرافضة لها واحتراما للشرعية الدولية. هذا ما يردده الكثير من نشطاء المجتمع المغربي في غياب معظم الأصوات سياسية التي انخرطت في لعبة الدولة المغربية وتتبنى مختلف الأطروحات وإن تعارضت مع القيم الإنسانية.

وعمليا، لا يفهم المواطن المغربي حتى الآن، ورغم انشغالاته بتحسين وضعه المعيشي المتردي،  كيف تستمر الدولة المغربية في عدم الانسحاب من حرب تشنها دول عربية غينة ضد دولة فقيرة بحجة الدفاع عن الشرعية الدولية، أي مبرر الدفاع عن الديمقراطية في وقت تفتقد فيه هذه الدول وعلى رأسها الإمارات العربية والسعودية لأبسط مقومات الديمقراطية وحرية التعبير والعمل السياسي.

ومن خلال تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن مختلف الهيئات ومنها الأمم المتحدة، وكذلك تقارير هيئات دولية محترمة مثل البرلمان الأوروبي، فقد تعدت ما يسمى “عاصفة الحزم” ضد الشعب اليمني كل الخطوط الحمراء المنصوص عليها في الحروب. فخلال الثلاث سنوات التي ستكملها هذه الحرب، تحول الشعب اليمني من شعب مستقر يعاني الكثير من الخصاص الى شعب أشبه بالنازح في بلده جراء عمليات القصف العشوائي، والى شعب يحتاج الى أكثر من مائة مليار دولار كمساعدات لترتيب أوضاعه المعيشية وخاصة إعادة تشغيل البنيات التحتية من مدارس ومستشفيات وهيئات مدنية أخرى.

وشارك المغرب في الحرب منذ اندلاعها بل وفقد ربانا حربيا عندما أسقط الحوثيون طائرة ف 16 مغربية، وكان يجري الحديث عن مشاركة وحدات من الكوماندو الى جانب القوات الإماراتية وأخرى في حماية الحدود السعودية مع اليمن، لكن هذه المعلومات لم تتأكد لاسيما وأن المؤسسة العسكرية المغربية تلتزم صمتا مطبقا كما جرت العادة في مثل هذه الملفات الشائكة.

ومن خلال تأمل مشاركة المغرب العسكرية والسياسية، يتضح غياب أهداف دبلوماسية يرجى تحقيقها سوى محاولة التبرير بالتضامن مع أنظمة ملكية عربية تمتلك أجندة لا تخدم كل ما هو عربي في الوقت الراهن ويكفي موقفها المخجل من ملف القدس ومعارضة كل ما هو ديمقراطي. وعمليا، المغرب مطالب بالانسحاب من الحرب غير الشرعية ضد اليمن لأسباب متعددة نجملها في:

في المقام الأول، خرقت هذه الحرب كل المواثيق الدولية، وسقط من ضحاياها الكثير من الأبرياء من أطفال ومسنين، وقد حذّرت الأمم المتحدة من الجرائم التي تشهدها هذه الحرب ومن انعكاساتها مثل تفشي الأمراض والمجاعة وقتل الأطفال.

في المقام الثاني، أمام عجز ما يسمى “عاصفة الحزم” حسم الحرب والقضاء على حركة الحوثيين الذين يفترض أنهم واجهة لإيران، تقوم القوات العسكرية التابعة للدول الملكية الغنية بتدمير البنيات التحتية للدولة اليمنية من مستشفيات ومدارس وطرق، وهذا يعتبر من أكبر الجرائم في الحروب لأنه يدخل في دائرة الانتقام المجاني. فهل يرضى المغرب الرسمي لنفسه بهذا؟

في المقام الثالث، يرفض الرأي العام المغربي في مجمله هذه الحرب لأنها غير عادلة ولقد عبّر عن ذلك في تظاهرات وفي مقالات ومواقف في شبكات التواصل الاجتماعي. وعلى ضوء هذا،  واحتراما لمشاعر الشعب المغربي الذي يفترض أنها تعبر عنه، تجد الدولة المغربية نفسها مجبرة باسم القيم الإنسانية الانسحاب من هذه الحرب الغاشمة.

في المقام الرابع، لا يجني المغرب أي فائدة من المشاركة في حرب ضد شعب مسالم مثل اليمني. وتفاقم مشاركة المغرب في المساهمة في تمزيق ما يفترض أنه تبقى من الوحدة العربية التي لم توجد من قبل. وإذا كان المغرب الرسمي قد رفض الانخراط في مخططات السعودية والإمارات فيما يسمى أزمة قطر ـو “حصتر قطر”، فمنطقيا مطالب بتبني الموقف نفسه في الحرب ضد اليمن والانسحاب منها.

في المقام الخامس، ينتمي المغرب سياسيا وجغرافيا الى منطقة المغرب العربي-الأمازيغي. وقد رفضت معظم دول هذه المنطقة مثل تونس والجزائر التورط في دعم هذه الحرب غير الشرعية ورفض المشاركة فيها. وإن اختلفت الأجندات، وإن كانت اتحاد المغرب العربي غير فعال بل جامد في الوقت الراهن، فهذا لا يمنع المغرب من تبني الموقف نفسه، أي رفض هذه الحرب والتعبير عن موقف موحد لمنطقة الممارغرب العربي.

في المقام السادس، كل المؤشرات تدل على صعوبة بل استحالة انتصار العربية السعودية والإمارات والبحرين في هذه الحرب، وهذا يعني استمرار المواجهات التي لن تخلف سوى مزيدا من الدمار والقتل وجرائم ضد الإنسانية. فهل سيستمر المغرب في المشاركة في أحد أطول الحروب العربية-العربية؟

وعلى ضوء كل هذا، وباسم القيم الإنسانية، المغرب مطالب بالانسحاب منهذه  الحرب غير الشرعية ضد الشعب اليمني لأنها تسيء الى صورته ولا مردود سياسي ودبلوماسي لها، وبدل الانخراط في مشاريع عسكرية لدول الخليج كان عليه لعب دور الوساطة التي سيحفظها له التاريخ بدل التورط في حرب غير شرعية.

Sign In

Reset Your Password