المغرب يتهم اسبانيا بتهديد أمنه الصحي ومدريد ترفض الاتهامات وتقدم مذكرة احتجاج شفوية

رصد كورونا فيروس

تسجل العلاقات بين المغرب وإسبانيا توتراً جديداً، وهذه المرة على خلفية الاتهامات التي وجهتها حكومة الرباط إلى جارتها الشمالية بعدم مراقبة الشواهد الطبية الخاصة بفيروس كورونا، الأمر الذي ردت عليه مدريد باستدعاء المكلف بالأعمال في السفارة المغربية نظراً لغياب السفيرة منذ أزمة الصيف الماضي.
ويعد المغرب من الدول القليلة في العالم التي أغلقت حدودها بشكل تام، إن لم يكن الدولة الوحيدة التي أغلقتها حتى في وجه المغاربة الذين سافروا لأغراض طبية أو عائلية ووجدوا أنفسهم ممنوعين من العودة إلى وطنهم، وذلك بعد ظهور النسخة المتحورة من كورونا فيروس “أوميكرون”. وقررت الحكومة تنظيم عودة مشروطة، منها ضرورة الإقامة في فندق لمدة تفوق الأسبوع حتى يتم التأكد من خلو العائد من أوميكرون. واختارت ثلاثة دول ليعود منها المغاربة، وهي البرتغال وتركيا ودبي.
وتتعرض السلطات المغربية لكثير من الانتقادات؛ أولاً بسبب إغلاق الحدود في وجه المواطنين، ثم اختيار ثلاثة مطارات للعودة، علماً أن المغاربة يوجدون في عشرات الدول ينتظرون والبعض منهم يقترب من حالة التشرد، كما هو الشأن في تركيا. وتساءل عدد من نواب البرلمان لماذا لم يتم اختيار مطارات مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبروكسيل.
ونشرت وزارة الصحة المغربية ليلة الاثنين من الأسبوع الجاري، بياناً توجه فيه اتهامات إلى إسبانيا بضعف مراقبة اختبارات رصد كوفيد-19 وتلمح إلى تهديدها للأمن الصحي المغربي. ويتضمن البيان عبارات قوية، وجاء في بعض فقراته: “تبين من خلال ملاحظة مدى احترام إجراءات السفر، أن السلطات الإسبانية المعنية لا تعمل على المراقبة بالشكل المطلوب والصارم للحالة الصحية للمسافرين أثناء عملية الإركاب عبر المطارات”. ويضيف البيان: “لا توجد أيضاً مراقبة متعينة لجوازات التلقيح بالنسبة إلى المسافرين، كما تم رصد عدة حالات وإصابات بفيروس “كوڤيد 19″، عند وصولها أو عبورها من المغرب، قادمة من إسبانيا في إطار رحلات خاصة”.
ويبرز البيان في فقرات أخرى، أن “هذه الوضعية للسفر من إسبانيا إلى المغرب تشكل خطراً على صحة المواطنات والمواطنين المغاربة، وضرباً للمكتسبات الصحية التي حققتها بلادنا”. مؤكداً في الوقت نفسه: “لا يمكن العودة إلى الرحلات الجوية من إسبانيا نحو المغرب، في غياب احترام البروتوكولات الصحية المرتبطة بفيروس «كوڤيد 19»من قبل السلطات الإسبانية، وفي غياب ضمانات ملموسة على احترامها؛ من بينها مراقبة جواز التلقيح، والحالة الصحية للمسافرين، بطريقة حازمة وسليمة طبقاً للتوصيات والإجراءات الصحية المتعارف عليها دولياً في هذا الصدد”.
وجاء الرد من طرف إسبانيا الثلاثاء على مستويين، الأول وهو استدعاء القائم بالأعمال في السفارة المغربية في مدريد لتقديم مذكرة احتجاج شفوية على بيان وزارة الصحة المغربية. وهذه هي المرة الثانية التي تقدم فيها مدريد على استدعاء القائم بالأعمال المغربي لتقديم احتجاج، وكانت الأولى بسبب إنشاء المغرب لمزارع لتربية السمك بالقرب من الجزر الجعفرية في البحر المتوسط. ويتجلى المستوى الثاني في تصريحات من طرف وزير الخارجية الإسباني وسي مانويل ألباريس، الثلاثاء، رافضاً مضمون البيان المغربي، ومعتبراً إياه بـ”غير المقبول”.
وتابع في ندوة صحافية بأن المغرب لم يبلغ نهائياً إسبانيا عبر القنوات الدبلوماسية بهذه الملاحظات والاحتجاج، بل فضل اللجوء إلى بيان إعلامي. ورفض الوزير ما صدر عن المغرب قائلاً إن “معطيات فيروس كورونا في إسبانيا أحسن من دول الجوار، فهنا نسبة الإصابات أصل، بينما معدل التلقيح مرتفع”. ويؤكد استدعاء القائم بالأعمال لتقديم مذكرة احتجاج شفوية وإبلاغ المغرب بأن إسبانيا تستجيب لكل المعايير الدولية حول السلامة في مكافحة فيروس كورونا.
ويخالج دبلوماسية مدريد الكثير من الشك لماذا اختار المغرب التركيز على إسبانيا دون عشرات الدول في العالم بحكم أنه يستمر في إغلاق حدوده مع كل دول الاتحاد الأوروبي باستثناء رحلات استثنائية من عاصمة البرتغال لشبونة، ستنتهي الخميس من هذا الأسبوع. وعلق عدد من الإعلاميين في محطات إذاعية: “إذا كانت السلطات المغربية لديها مؤاخذات على إسبانيا، فلماذا لم تستأنف الرحلات مع فرنسا وإيطاليا وبلجيكا مثلاً”. وتعتقد الأوساط الإسبانية في أن يكون البيان المغربي مقدمة لفرضية فتح المغرب الحدود الجوية مع باقي الدول الأوروبية باستثناء مع إسبانيا.
وكان المغرب قد استأنف الرحلات البحرية مع فرنسا ولم يستأنفها حتى الآن مع إسبانيا. وتُضاف هذه الأزمة الجديدة إلى الأزمة الكبرى بين البلدين التي اندلعت خلال مايو الماضي على خلفية نزاع الصحراء، ولم تجد حتى الآن طريقها إلى الحل.

Sign In

Reset Your Password