توقع المصرف المركزي المغربي، تراجع معدلات النمو الاقتصادي إلى ما بين 2.5 و3.5 في المئة العام المقبل، بعدما سجل 5 في المئة خلال العام الحالي، مستفيداً من ظروف مناخية جيدة وإنتاج زراعي بلغ نحو 10 ملايين طن من الحبوب بفضل وفرة الأمطار.
وتتوافق توقعات «المركزي» مع مثيلتها في صندوق النقد الدولي وعدد من مكاتب الدراسات المحلية والدولية، التي قدرت النمو بين 3 و 3.7 في المئة، بينما تراهن الحكومة على نمو معدله 4.2 في المئة العام المقبل. وكانت بعثة من صندوق النقد الدولي أنهت أمس جولة ميدانية في المغرب، للاطلاع على نتائج الاقتصاد المحلي في إطار المادة الرابعة من ميثاق الصندوق، الذي سبق أن منح للرباط خطاً ائتمانياً بقيمة 6.2 بليون دولار، لمواجهة تقلبات الظروف الاقتصادية والمالية الدولية.
واعتبر رئيس البعثة جان فرانسوا دوفان، أن الاقتصاد المغربي «تمكّن من الصمود في وجه الأزمة العالمية وحقق نمواً بلغ 5 في المئة هذه السنة، بفضل موسم زراعي جديد وتدفق الاستثمارات الأجنبية، على رغم ارتفاع العجز المالي واستمرار تأثير الأزمة الأوروبية في القطاعات غير الزراعية». ورأى أن المديونية المغربية «تبقى بمعدلات مقبولة، كما يسجل عجز الموازنة تحسناً بفضل الإجراءات التي تتخذها الحكومة المغربية».
ودعا الصندوق الحكومة إلى الاستمرار في «الإصلاحات المعلنة لتحقيق التوازن المالي وضمان التنافسية المطلوبة لتحقيق مزيد من الصادرات والنمو والتوسع الاقتصادي، ما سيمكن من توفير فرص عمل إضافية للشباب وتحسين الخدمات الاجتماعية للفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع».
وأكد أن خفض العجز المالي إلى 4.9 في المئة من الناتج العام المقبل (من أصل 7.3 في المئة عام 2012)، «سيساهم في زيادة الإنفاق المطلوب في قطاعات التغطية الاجتماعية والخدمات الأساسية والتعليم والصحة والبنية التحتية في المناطق النائية».
وحضّ الحكومة على إصلاح صناديق المقاصة (دعم الأسعار) والتقاعد، كونها أولوية مالية لضمان استمرار خدمات تلك الصناديق التي يكون عجزها سبباً مباشراً في ارتفاع عجز الموازنة.
واعتبر «المركزي» أن انخفاض الإنتاج الزراعي العام المقبل إلى نحو 7 ملايين طن من الحبوب، سيقلص النمو نقطتين، على رغم التحسن المرتقب في قطاعات الصناعة والخدمات التي ستنمو بين 3.5 و4.5 في المئة. وهي تستفيد من تعافٍ تدريجي في الاقتصاد العالمي، خصوصاً في أسواق الاتحاد الأوروبي التي يرتبط معها باتفاق الشراكة والوضع المتميز. إذ يُتوقع تراجع عجز ميزان المدفوعات الخارجية المقدر حالياً بـ 7.4 في المئة مع تقديرات بزيادة تسجلها الصادرات.
وأفادت مؤشرات «المركزي» بأن عائدات السياحة وتحويلات المغتربين والاستثمارات الأجنبية «انتعشت بنسبة تراوحت بين 1.6 و 19 في المئة، فضلاً عن ارتفاع في الاحتياط النقدي المقدر بـ 145 بليون درهم. وفي المقابل زاد عجز الحسابات الكلية للخزينة وبلغ 47 بليون درهم في مقابل 40 بليوناً قبل عام، نتيجة الزيادة في النفقات وتراجع الإيرادات الضريبية. وأوضح البنك المركزي المغربي، أن العجز المالي سيبلغ 5.5 في المئة نهاية هذه السنة، وهي وضعية أفضل مما كانت سجلته عام 2012 عندما تجاوز عجز الموازنة سقف 7 في المئة للمرة الأولى منذ 30 عاماً.
وانسحب الانتعاش النسبي في المالية العامة والنشاط الاقتصادي على حجم القروض المصرفية التي زادت بنسبة 3.5 في المئة من أصل 2.6 في المئة في الربع الثالث من العام. كما ارتفعت أسعار الفائدة المرجعية 21 نقطة أساس إلى 6.3 في المئة في المتوسط. واستقرت معدلات التضخم بين 2 و2.5 في المئة، باستقرار أسعار الطاقة في السوق الدولية التي تراجعت 3 في المئة (خام برنت).
وأعلن المصرف المركزي تفاؤله «الحذر» لآفاق الاقتصاد المغربي العام المقبل، موضحاً أن «معدل النمو مرتبط بحجم الإنتاج الزراعي ووفرة المياه، فضلاً عن وضع الاقتصاد الدولي وأسعار المواد الأولية، وانتعاش منطقة اليورو التي لم تخرج بعد من الأزمة الاقتصادية ولا تزال تسجل مستويات مرتفعة في البطالة خصوصاً في دول البحر الأبيض المتوسط من اليونان إلى البرتغال مروراً بإسبانيا وإيطاليا وفرنسا».
وكان النمو الاقتصادي بلغ 4.4 في المئة في النصف الأول من هذه السنة، بفضل ارتفاع حجم الإنتاج الزراعي بنسبة 20.3 في المئة. ولا تبدو هذه المؤشرات متوافرة في النصف الأول من العام المقبل، بعد تأخر موسم الأمطار وتراجع تساقطاته إلى ما دون المسجل في متوسط السنوات الخمس الأخيرة. إذ يتأثر الاقتصاد المغربي بالأمطار والزراعة أكثر من الأزمة العالمية وأسعار الطاقة، ويعيش ثلث السكان على الإنتاج الزراعي وتربية الماشية التي تنتج 17 في المئة من الناتج الوطني الإجمالي وربع الصادرات.
وذكرت وكالة «رويترز» أن التضخم السنوي «تباطأ إلى واحد في المئة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي من 1.5 في في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، استناداً إلى المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، التي أشارت إلى تباطؤ تضخم أسعار السلع الغذائية إلى 0.7 في المئة من 1.7 في المئة، وكذلك تضخم البنود غير الغذائية إلى 1.1 في المئة من 1.4 في المئة. وانخفضت تكاليف الاتصالات 9.3 في المئة، بينما زادت تكاليف التعليم أربعة في المئة. وانخفض مؤشر أسعار السلع الغذائية على أساس شهري بنسبة 1.2 بالمئة وتراجع مؤشر البنود غير الغذائية 0.1 في المئة.